ليلة من العمر
3 مشترك
:: المنتدى العام :: المنتدى العام
صفحة 1 من اصل 1
ليلة من العمر
وحده كتبت:
ليلة من العمر
جلست مثل العادة " عالنت " في المساء , وشغل كل فرد من أفراد أسرتي وظيفته المسائية , أبي يشاهد التلفاز " الأخبار طبعا " , اختي في غرفتها " ما بعرف شو بتعمل " , أمي تواسي أبي وتشاهد معه الأخبار , أخي الكبير منهمك بالكتابة " على الفيس بوك " باستخدام " الاي فون , صرعة هاليومين " , اما اخي الصغير , فقد كان يلعب " البلاي ستايشن " محدثا اصوات تأثيرية تصل " لآخر الحارة " !
كل منا قد انهمك بعمله , ولم يعد يركز فيما حوله " يعني لو فات حرامي بسرق كل شي وبطلع " بقينا هكذا , الى أن انقطع التيار فجأة , وأعتم البيت وانقطع كل شيء عن العمل , فتجمعنا في مكان واحد , حتى نستطيع تشغيل ما يمكننا من الرؤية في الظلام , لكن المفاجأة كانت عندما وجدنا " الكشاف الكهربائي " غير مشحون , " سمعنا كم كلمة من الوالد الله يحفظه " واضطررنا لاستخدام شمعتين , احتفظنا بهما من أحد أعياد الميلاد !
عم الهدوء المكان , ونظرنا في وجوه بعض , فاسترسل ابي قائلا " لو كان عنا فانوس كاز , كان حالنا غير ووضعنا تمام " فتكمل امي " لو كانت امي هون , كان حكتلنا قصص , وقضينا وقت " نظرت الى عيني والدي , منذ ولادتي حتى اللحظة , لم أرى بريقهما هكذا , يعود للحديث " على ايامنا ما كان في كهربا زي هسة , ولا كان في تلفزيون , ولا كان في اشي " هنا قاطعه أخي " المقرود " قائلا " كيف كنتو عايشين من غير تلفزيون " ضحكت , كلامه صحيح , فنحن الآن لا نستطيع تمضية لو يوم واحد فقط من دون تلفاز , " يعني صارت الشغلة ادمان رهيب "
يقول ابي , انهم اول من اشترو تلفازا " بالحارة " واصبحو حكاية وسيرة يتداولها الناس بعنوان , " منزل الحج ابو توفيق والتلفاز " حيث كان في تلك الايام " هجنة " لا يستطيع جميع الناس الحصول عليه , الا أن التلفاز كان يغلق بعد الساعة التاسعة , معلنا عن نهاية يومه , وبداية اجازته الليلية , بعكس تلفازنا " الي ما بنام ولا بعرف شو يعني كبسة باور " !
في هذه اللحظة صاح أخي الصغير , متذكرا واجباته المدرسية , وأخذ يتذمر من صعوبة الدراسة على ضوء الشمع , فضحك أبي وقال " كنا بعز الشتا نروح ندرس على ضو الشارع ليلة الامتحان " كان العلم فعلا جهادا في سبيل الله , تماما كأيامنا هذه , إذ تجد الطالب مرفه , ولديه كل ما يطلب " وبنجح بالدفش " !
أخذت أفكر , كيف كانو يعيشون , قلت , حياتنا أجمل وأسهل , فردت أمي بأن حياتنا أسهل , لكن لا يكم أن تكون أجمل " لو كنتو تشمو ريحة الخبز بالفرن وامي بتخبزه وهي رابطة العصبة ولابسة المدرقة الاردنية , كنتو فهمتو قصدي " أصبحت أتخيل , ولشدة شوقي شممت رائحة شيء يخبز فعلا , لأكتشف بللنهاية بأن حريق شب في المنطقة من جراء شمعة أسقطت !
الساعات تمر , ووالدي يكملان حديثهما عن تلك الأيام , يتحدثان بنفس الأسلوب , ونفس الأفكار , وكأنهما تربيا في بيت واحد , أبي يحدثنا عن بطولاته " بين اولاد الحارة , وأمي تكلمنا عن تميزها " بين صبايا الحارة " أبي عاش في عائلة مكونة من 15 فردا , وأمي كذلك , والد أبي كان من ملتحقين القوات المسلحة , ووالد أمي كذلك , ربما هي الحياة في القديم كانت هكذا , البيوت متشابهة , الهموم مشتركة , الأفكار بسيطة , والعائلات أقرب ما يمكن من بعضها , في حديثهما أحسست أنهما من العصر الجاهلي , فلم أكن أتصور أن الحياة كانت بدائية هكذا , كل ما أذكره من طفولتي هو تلفاز " ابو قناتين , سوريا الارضية وعمان " التي كنا نشاهدها " على الشبكة " قبل اختراع " الستالايت " أو " الصاج الكبير على قولة جدتي " !
من حديث إلى آخر " اكتشفت اني ما بعرف عيلتي " وان كل منهم لديه طريقة تفكير خاصة , وكل منهم لديه موهبة في جانب , " بصراحة حسيت حالي اول مرة اشوفهم " اجمل ما كان هو اننا جلسنا لاول مرة كعائلة بمعنى كلمة عائلة , واستطعنا كسر حواجز في ساعات قليلة لم نستطع كسرها في سنوات عمرنا !
ما إن عادت الكهرباء , حتى عاد كل منا إلى عمله بشغف ولهفة كبيرة " بدنا نلحق إلي راح علينا " وعادت الأصوات والأضواء وكل شيء إلى ما كان عليه , لكن صدقا كانت " ليلة من العمر "
ليلة من العمر
جلست مثل العادة " عالنت " في المساء , وشغل كل فرد من أفراد أسرتي وظيفته المسائية , أبي يشاهد التلفاز " الأخبار طبعا " , اختي في غرفتها " ما بعرف شو بتعمل " , أمي تواسي أبي وتشاهد معه الأخبار , أخي الكبير منهمك بالكتابة " على الفيس بوك " باستخدام " الاي فون , صرعة هاليومين " , اما اخي الصغير , فقد كان يلعب " البلاي ستايشن " محدثا اصوات تأثيرية تصل " لآخر الحارة " !
كل منا قد انهمك بعمله , ولم يعد يركز فيما حوله " يعني لو فات حرامي بسرق كل شي وبطلع " بقينا هكذا , الى أن انقطع التيار فجأة , وأعتم البيت وانقطع كل شيء عن العمل , فتجمعنا في مكان واحد , حتى نستطيع تشغيل ما يمكننا من الرؤية في الظلام , لكن المفاجأة كانت عندما وجدنا " الكشاف الكهربائي " غير مشحون , " سمعنا كم كلمة من الوالد الله يحفظه " واضطررنا لاستخدام شمعتين , احتفظنا بهما من أحد أعياد الميلاد !
عم الهدوء المكان , ونظرنا في وجوه بعض , فاسترسل ابي قائلا " لو كان عنا فانوس كاز , كان حالنا غير ووضعنا تمام " فتكمل امي " لو كانت امي هون , كان حكتلنا قصص , وقضينا وقت " نظرت الى عيني والدي , منذ ولادتي حتى اللحظة , لم أرى بريقهما هكذا , يعود للحديث " على ايامنا ما كان في كهربا زي هسة , ولا كان في تلفزيون , ولا كان في اشي " هنا قاطعه أخي " المقرود " قائلا " كيف كنتو عايشين من غير تلفزيون " ضحكت , كلامه صحيح , فنحن الآن لا نستطيع تمضية لو يوم واحد فقط من دون تلفاز , " يعني صارت الشغلة ادمان رهيب "
يقول ابي , انهم اول من اشترو تلفازا " بالحارة " واصبحو حكاية وسيرة يتداولها الناس بعنوان , " منزل الحج ابو توفيق والتلفاز " حيث كان في تلك الايام " هجنة " لا يستطيع جميع الناس الحصول عليه , الا أن التلفاز كان يغلق بعد الساعة التاسعة , معلنا عن نهاية يومه , وبداية اجازته الليلية , بعكس تلفازنا " الي ما بنام ولا بعرف شو يعني كبسة باور " !
في هذه اللحظة صاح أخي الصغير , متذكرا واجباته المدرسية , وأخذ يتذمر من صعوبة الدراسة على ضوء الشمع , فضحك أبي وقال " كنا بعز الشتا نروح ندرس على ضو الشارع ليلة الامتحان " كان العلم فعلا جهادا في سبيل الله , تماما كأيامنا هذه , إذ تجد الطالب مرفه , ولديه كل ما يطلب " وبنجح بالدفش " !
أخذت أفكر , كيف كانو يعيشون , قلت , حياتنا أجمل وأسهل , فردت أمي بأن حياتنا أسهل , لكن لا يكم أن تكون أجمل " لو كنتو تشمو ريحة الخبز بالفرن وامي بتخبزه وهي رابطة العصبة ولابسة المدرقة الاردنية , كنتو فهمتو قصدي " أصبحت أتخيل , ولشدة شوقي شممت رائحة شيء يخبز فعلا , لأكتشف بللنهاية بأن حريق شب في المنطقة من جراء شمعة أسقطت !
الساعات تمر , ووالدي يكملان حديثهما عن تلك الأيام , يتحدثان بنفس الأسلوب , ونفس الأفكار , وكأنهما تربيا في بيت واحد , أبي يحدثنا عن بطولاته " بين اولاد الحارة , وأمي تكلمنا عن تميزها " بين صبايا الحارة " أبي عاش في عائلة مكونة من 15 فردا , وأمي كذلك , والد أبي كان من ملتحقين القوات المسلحة , ووالد أمي كذلك , ربما هي الحياة في القديم كانت هكذا , البيوت متشابهة , الهموم مشتركة , الأفكار بسيطة , والعائلات أقرب ما يمكن من بعضها , في حديثهما أحسست أنهما من العصر الجاهلي , فلم أكن أتصور أن الحياة كانت بدائية هكذا , كل ما أذكره من طفولتي هو تلفاز " ابو قناتين , سوريا الارضية وعمان " التي كنا نشاهدها " على الشبكة " قبل اختراع " الستالايت " أو " الصاج الكبير على قولة جدتي " !
من حديث إلى آخر " اكتشفت اني ما بعرف عيلتي " وان كل منهم لديه طريقة تفكير خاصة , وكل منهم لديه موهبة في جانب , " بصراحة حسيت حالي اول مرة اشوفهم " اجمل ما كان هو اننا جلسنا لاول مرة كعائلة بمعنى كلمة عائلة , واستطعنا كسر حواجز في ساعات قليلة لم نستطع كسرها في سنوات عمرنا !
ما إن عادت الكهرباء , حتى عاد كل منا إلى عمله بشغف ولهفة كبيرة " بدنا نلحق إلي راح علينا " وعادت الأصوات والأضواء وكل شيء إلى ما كان عليه , لكن صدقا كانت " ليلة من العمر "
HEBA $amasat- الطالبات
- عدد المساهمات : 726
تاريخ التسجيل : 25/10/2010
العمر : 29
:: المنتدى العام :: المنتدى العام
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى